jeudi 10 novembre 2011

خفايا ليلة انقلاب 7 نوفمبر 1987.. هكذا تآمر بن علي على بورقيبة


قال عمر الشاذلي الطبيب الخاص للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في كتاب اصدره بعيد الثورة التونسية باللغة الفرنسية، ان زين العابدين بن علي تآمر على بورقيبة الذي لم يكن عاجزا عن اداء مهامه عشية الاطاحة به في 7 نوفمبر 1987 بداعي المرض والشيخوخة.

وروى الشاذلي في كتابه "بورقيبة كما عرفته" الصادر في شباط/فبراير الماضي، تفاصيل كثيرة عن ليلة الانقلاب على اول رئيس لتونس المستقلة وحلقات التحضير لهذا الانقلاب عبر سعي بن علي ومتواطئين معه في قصر قرطاج وخارجه الى توتير الاجواء في تونس للانقضاض على الحكم.

وجاء في بيان تولي بن علي السلطة في السابع من نوفمبر 1987 انه "امام طول شيخوخته (بورقيبة) واستفحال مرضه نعلن اعتمادا على تقرير طبي انه اصبح عاجزا تماما عن الاضطلاع بمهام رئاسة الجمهورية".

غير ان الشاذلي اكد في كتابه ان بورقيبة "اعطانا درسا حقيقا في التاريخ ركز فيه على الحروب الصليبية" مساء السادس من نوفمبر 1987، مقدما تفاصيل غاية في الدقة عن مختلف مراحلها منذ 1071.

حتى ان طبيبه الخاص الذي كان يشغل ايضا منصب مدير الديوان الرئاسي سأله "كيف تفعلون سيدي الرئيس لتذكر كل هذه التفاصيل؟".

واجابه بورقيبة بحسب ما جاء في الكتاب "قرأت كثيرا خلال فترات اعتقالي (..) ثم ان هناك اشياء ترسخ في الذهن لدرجة انه يتعذر نسيانها".

وقال الشاذلي "كنت اتابع بانتباه ما يقول وبكثير من الاعجاب بدقته ووضوح افكاره" قبل مغادرة القصر الرئاسي في قرطاج نحو منتصف ليل السابع من نوفمبر 1987 "وكان كل شيء يبدو عاديا".

واضاف الشاذلي طبيب بورقيبة لمدة اربعين عاما ومؤسس كلية الطب بتونس في 1964 ان "بن علي حاول لاضفاء طابع قانوني على ما فعله، تقديم شهادة طبية وقعها سبعة اطباء تم تسخيرهم ليلا من قبل النائب العام الهاشمي الزمال".

واوضح ان "اربعة من هؤلاء الاطباء (عز الدين قديش ومحمد قديش والصادق الوحشي وعبد العزيز العنابي) لم يعاينوا بورقيبة منذ عدة سنوات".

وتساءل الشاذلي والحالة تلك عن كيفية تمكنهم ليل السابع من نوفمبر 1987 من الجزم بان حالته الصحية لم تعد تسمح له بممارسة مهامه كرئيس.

واضاف ان الاطباء الثلاثة الاخرين الموقعين على الشهادة الطبية "وهم اخصائي امراض القلب محمد بن اسماعيل وامراض المعدة الهاشمي القروي والرئة عمارة الزعيمي الذين كانوا يزورون بورقيبة مرة في الاسبوع او بطلب منه وضعوا تواقيعهم الى جانب الاربعة الاخرين على الشهادة".

وتابع الشاذلي ان "الزمن اثبت انهم اخطاوا اذ ان الرئيس استمر بعد عشر سنوات من اعداد الشهادة الطبية بصحة جيدة ولم يكن يعاني من القلب او من الجهاز الهضمي او الرئتين".

وحرص الشاذلي على الاشارة الى ان هذه الشهادة لم تحمل توقيعه ولا توقيع احمد الكعبي الذي كان تولى مهمة الطبيب الخاص لبورقيبة بين 1970 و1978.

واضاف انه منع يوم انقلاب بن علي من معاينة بورقيبة ودخول قصر الرئاسة ولم يتمكن من رؤية بورقيبة الا في 12 تشرين الثاني/نوفمبر في مرناق (جنوبي العاصمة) حيث قال له لما رآه "سيدي الرئيس انها الخيانة" فرد بورقيبة "لا انه الغدر"، بحسب ما جاء في الكتاب.

وشرح عمر الشاذلي باطناب في كتابه كيف عمل بن علي واعوانه بين جويلية 1986 ونوفمبر 1987 على تعكير الاجواء في تونس كمقدمة للانقلاب.

واوضح كيف بدأ التشدد الامني في البلاد واصدار الاحكام الجائرة والايقافات التعسفية للمعارضين والتضييق على الحريات العامة وحملات التفتيش والمضايقة علاوة على تعفين الاجواء في المدارس والمعاهد والجامعات.

كما عمد بن علي الى تهويل خطر التطرف الاسلامي وتعمد اثارة المشاكل بدل حلها.

وقال ان بن علي عمل "بالتاكيد (على اساس) الاستراتيجيات التي طبقتها اجهزة المخابرات في بولندا حيث كان عمل سفيرا" خلال فترة صراع السلطات ونقابة تضامن.

واشار الشاذلي في هذا السياق الى رسالة وصلته في اكتوبر 1987 تضمنت "تحذيرا من تصرفات مشبوهة للجنرالين بن علي والحبيب عمار (آمر الحرس الوطني حينها)".

واوضح انهما "كانا يعطيان اوامر غير مقبولة بتفتيش عشوائي للسيارات مهما كان صاحبها والمنازل وكسر الابواب وتمزيق الحشايا والاساءة للنساء والاطفال واطلاق النار على متظاهرين سلميين".

وتشهد تونس هذه الايام بفعل هامش الحرية الكبير الذي اتاحته ثورة 14 جانفي حوارات ونقاشات كبيرة تتناول كيفية بناء تونس الجديدة وايضا مختلف جوانب تاريخ البلاد السياسي خصوصا.

وفي حين يرى قسم من التونسيين ان بورقيبة كان "زعيما كبيرا وحكيما غدر به الدكتاتور الفاسد زين العابدين بن علي"، يعتبر آخرون انه بالرغم من ان بورقيبة كان زعيما وبنى دولة حديثة في تونس وحرر المراة فان فترته "لم تخل من استبداد والفرق بينهما هو كالفرق بين مستبد نظيف اليد مثقف ومستبد فاسد جاهل".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire